هنا صوتك 08/01/2014 – 14:36
دمشق- قصي عمامة- ترتدي منال ملابس جميلة، لا توحي بأنها بائعة خبز حين تشاهدها على أوتوستراد المزة السريع جنوب العاصمة دمشق. تقترب منك، وتعرض عليك الخبز الساخن والطازج.
مهنة جديدة لمن لا مهنة لهم من النساء والأطفال لفقراء دمشق العاصمة وأريافها. بيع الخبز بعد شرائه من الفرن للزبائن الذين لا يفضلون الانتظار على طابور الخبز الطويل. وزاد الإقبال على هذه المهنة في فترة الحرب السورية المتواصلة، التي جعلت الكثير من السوريين بدون رأسمال. مهنة تبدأ برأسمال 100 ليرة سورية )أقل من دولار واحد(.
لها زبائنها
تقول منال: “أساهم في إعالة أسرتي التي نزحت من ريف دمشق”. تملك منال الشهادة الثانوية، إلا أنها لم تجد عملاً لائقاً أكثر من بيع الخبز. تقول: “الناس تشتري مني، لأنهم يشعرون بالشفقة. يعرفون أو يعتقدون أنني محترمة ومحتاجة. عندي الآن زبائن دائمون يشترون مني. يقفون بسياراتهم بشكل يومي على الطريق السريع، ويشترون الخبز الذي يحتاجونه”.
ثلاث بثلاث
يبلغ سالم العاشرة من عمره، ولا يستطيع أن يشتري أكثر من ثلاث ربطات من الخبز في كل ربطة ثمانية أرغفة. القانون الإلزامي اليوم يمنع صاحب الفرن أن يبيع أكثر من ذلك لأي زبون.
يحصل سالم على ربطاته الثلاثة، بعد أن ينتظر أحياناً أكثر من 45 دقيقة، ويتوجه إلى الشارع لبيعها. يقول: “عند الظهيرة، لا أضطر للتوجه إلى الطريق السريع، وانتظار السيارات، الناس تشتري مني أمام الفرن، لكن في المساء، وفي الصباح الباكر، عليّ أن أذهب هناك لأجد زبوناً”. ما إن يبيع سالم ربطاته الثلاث، حتى يعود ليقف في الطابور ل يشتري ثلاث ربطات جديدة.
يعمل أيمن (7 سنوات) يومياً من السابعة صباحاً وحتى السادسة مساءً في بيع الخبز، يشتري الكيلو والنصف 25 ليرة، ويبيعها لزبائنه 35 ليرة، ومن الممكن أن يبيعك بسعر أقل إذا اشتريت منه كميات أكبر.
زوجة مفقود
لا تعرف أم أحمد (40 عاماً) الجرأة، هي أكثر خجلاً من بائعات أخريات. تقول: “لا أعرف أين زوجي، كنا نسكن في أبراج حي القابون. منزلنا مساحته 200 متر. كان زوجي يعمل في بنك خاص، وخرج ولم يعد منذ عامين تقريباً. دمِّر منزلنا. ووجدت نفسي بلا مورد وبلا زوج وبلا عمل. مرت علي أيام لم أستطع فيها تأمين ثمن الخبز لأولادي. أعمل اليوم في بيع الخبز للآخرين، حتى أوفّره لأولادي”. وتضيف: “أتعرض للتحرش، وأتحمل الكثير من الكلمات السيئة، لأن لقمة العيش أهم”.