تغفل يم مشهدي في مسلسلها الأخير “قلم حمرة” الفترة الممتدة من آذار 2011 وحتى نهاية عام 2013 تقريباً، تاركة للمشاهد أن يقرر هو لا هي ماذا حصل في سوريا وكيف تطور المشهد فيها من ثورة لصراع مسلح لإرهاب، فيما تترك لنفسها الحرية في تناول المشهد قبل عام 2011 وخلال عشر سنوات، فتشرح من خلال شخصيات مسلسلها كيف كانت العائلة السورية والشاب السوري والسيدة السورية، وتردد شخصياتها جملاً بسيطة وعميقة إذا ما أردت إسقاطها سياسياً، فحين يقول تيم “عابد فهد” بعد أن عاد لسوريا قادماً من لبنان بعد غياب لمدة سبعة أشهر، أن لا شيء يتغير في هذا البلد، أو حين تسأل الشخصية الرئيسية ورد “سلافة معمار” بشكل دائم “وشو بعدين” أو حين تقول هيفا “كاريس بشار” جملة جريئة ومخنصرة حين تقع ابنتها لينا في مأزق مع رجل نافذ في البلاد “البلد ما بتفهم غير بالكلاسين” توصف مشهدي على الحالة الاجتماعية المتردية التي تحولت إلى ثورة في مطلع عام 2011.

تدور أحداث المسلسل إذا في الفترة السابقة لعام 2011، وتروي ورد المعتقلة لدى السطلة كيف كانت حياتها وهي منتصف العمر، في تشابك مع شخصيات عدة تعيش كل منها حياة مضطربة وجافة يسكنها بشكل رئيسي الملل والتعب، إذ تقرر الطلاق من زوجها غسان “جلال شموط” وتقع في حب تيم “عابد فهد” الطبيب النفسي الذي تكشف الأحداث أنه عمل كطبيب ميداني في مكان ما من البلاد ثم خطف من قبل تنظيم داعش ابتداءا من الحلقة الرابعة والعشرين من المسلسل.

يوراي مشهد يم مع المخرج حاتم علي الحدث وتغلفه بجمل تقال في سوريا بشكل يومي، فيظهر المشهد قريباً وطازجاً وحقيقياً، وفي ما قبل الاعتقال تروي ورد حياتها بكثير من الأناة والاختصار، مع حوار ذكي قلما تجده حقاًُ في الواقع.

يجعلك التنقل بين مشاهد الزنزانة ومشاهد دمشق تشعر بأن الزنزانة الحقيقية ليست القبو الذي تعتقل فيه ورد في أحد أفرعة الأمن بدمشق، بل هي دمشق ذاتها التي تعتقل فيها أحلام ورغبات الأبطال، وتختصر فيها الرغبات إلى حدود دنيا لا تليق بأحد، ضرورة الثورة التي يطرحها المسلسل قد يختلف معها كثيرون، وقد يكون النص قد سلط الضوء على شريحة واحدة من المجتمع في سوريا، رغبت بثورة، فيما أغفل شرائح أخرى قد تكون محتاجة أكثر لثورة أو قد تكون ضد أي تغيير أو حراك أو تبدل.

دوشكا-2 أيول 2014