arablog.org

أنا في أخطر عاصمة في الدنيا وأكثرها يأساً…دمشق

 

عشرات من الاطفال يتناثرون في أسواقها وورشاتها المهنية والصناعية كعمال صغار تركوا صفوف الدراسة والتحقوا بأعمال مجهدة من أجل بعض المال. نساء يقفن عند إشارات المرور يتسولن بعض مال يبخل راكبوا السيارات الفارهة بطرح بعضه لهن، عشرات بل مئات من المسلحين في كل زاوية وركن وشارع، الكثير من الحواجز التي تفتشك أينما وليت وجهك في المساحة الصغيرة الممكنة المتبقية من العاصمة السورية، التي هي بحق اكثر مدن العالم يأساً لا خطراً فقط.

هنا في دمشق ستسمع يومياً ذات الحديث، تلوكه ألسن الكبار والصغار، النساء والرجل، الشبان ومن غادروا ربيع العمر، الهجرة بحراً و جواً او براً، سنهرب، سنترك البلاد التي تمزقت ولم يبقى من أحلامها أي شيء يذكر، سنترك البلاد التي قُسمت ومزقت وتفتت ولم يبقى من أي أمر يربط بين أضلعها المهشمة، سأرحل.

لكن كيف سنهرب؟ لبنان منعنا من دخوله وطردنا من حدوده، الأردن اغلق المطار، والطريق إلى تركيا محفوفاً بالعسكر من كل الالوان، العراق لا يستقبلنا وإن وصلنا أين نذهب بعده، مصر تضيق علينا الوصول، والخليج يدفعنا كي نرحل غرباً، والغرب قال تعالوا بحراً، إن عشتم اهلاً، وإن متم رحمة، ثم لماذا أهرب؟ من أي مصير أهرب؟

من منكم جرب أن يحيا في عاصمة كهذه، عاصمة فيها تنام على صوت القصف، وتستقيظ على خطاب رنان، من منكم عرف كيف يهرب من القذيفة حين تطلق الصفرة في السماء، من منكم قرأ ألف وجه دمشقي مشرد؟ من منكم عرف ان لا شيء يستحق الموت، من منكم كفر بكل شيء؟ من منكم فقد صديقاً كل يوم، ومن منكم عرف حبيبة تموت كل يوم، من منكم قد مات وبقي حياً؟ من منكم شاهد مدينة وهي ميتة؟.

في التلفزيون الرسمي يكذبون علي ويقولون إنهم انتصروا، وأنني صمدت، في الإذاعة يغنون لي كي أنام مطمئناً لليلة إضافية، وأن لا آبه بهدير الطائرات في سماء العاصمة، فهي تضرب أخوتي، فتقتل فيّ أكثر مما تقتل حيث ترمي برميلاً جديداً… برميل، كم تغير معنى الكلمة، كم أصبح مخيفاً وبالغ القتل.

في دمشق لم أعد احلم، حقاً لم أعد احلم، وحين أفعل أهزء من نفسي، من هذه الهذيان وهذا الترف، بماذا أحلم؟ بأن لا أموت، بأن لا يضيع العمر، بان لا يموت الطفل، بأن أستمر هنا؟ أي حلم هذا؟ صار كل الحلم أن أهرب من هنا، ثم أشتاق لها، أشتاق لدمشق!! انا مشتاق لها منذ الآن، مشتاق لعاصمتي المحتضرة، لا تصدقوا المقاتلين على الضفتين، وعبر الحدود الجديدة، لا تسمحوا لهم بان يبيعوا لكم أملاً واهياً جديداً، باننا سننتصرن… لقد هزمنا وهزيمتنا راحت إلى الأبد.

قصي عمامة

فيديو من طرقات دمشق

panadol

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

  1 comment for “أنا في أخطر عاصمة في الدنيا وأكثرها يأساً…دمشق

  1. khaoulaferchichi
    khaoulaferchichi
    21 أكتوبر,2014 at 3:05 م

    أبكيتني بتدوينتك موغلة في الوجع حتى العظم .. هربت الكلمات منّي وتبخرت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Plugin from the creators ofBrindes Personalizados :: More at PlulzWordpress Plugins